responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 6  صفحه : 225
يَرَاهُ مَنْفِيًّا مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أُولُو بَقِيَّةٍ، وَلِهَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ بَعْدَ أَنْ مَنَعَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا: (فَإِنْ قُلْتَ) : فِي تَحْضِيضِهِمْ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْفَسَادِ مَعْنَى نَفْيِهِ عَنْهُمْ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: مَا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ أُولُوا بَقِيَّةٍ إِلَّا قَلِيلًا، كَانَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا، وَمَعْنًى صَحِيحًا، وَكَانَ انْتِصَابُهُ عَلَى أَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَدَلِ انْتَهَى. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: إِلَّا قَلِيلٌ بِالرَّفْعِ، لَحِظَ أَنَّ التَّحْضِيضَ تَضَمَّنَ النَّفْيَ، فَأَبْدَلَ كَمَا يُبْدَلُ فِي صَرِيحِ النَّفْيِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى فَلَمْ يَكُنْ، لِأَنَّ فِي الِاسْتِفْهَامِ ضَرْبًا مِنَ الْجَحْدِ، وَأَبَى الْأَخْفَشُ كَوْنَ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا هُمْ تَارِكُو النَّهْيِ عن الفساد. وما أُتْرِفُوا فِيهِ أَيْ: مَا نَعِمُوا فِيهِ مِنْ حُبِّ الرِّيَاسَةِ وَالثَّرْوَةِ وَطَلَبِ أَسْبَابِ الْعَيْشِ الْهَنِيِّ، وَرَفَضُوا مَا فيه صلاح دينهم. واتبع اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ عَنْ حَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَإِخْبَارٌ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ تَارِكِي النَّهْيِ عَنِ الْفَسَادِ كَانُوا مُجْرِمِينَ أَيْ: ذَوِي جَرَائِمَ غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِنْ كَانَ مَعْنَاهُ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى مُضْمَرٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ نَهَوْا عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا شَهَوَاتِهِمْ، فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى نَهَوْا، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ: وَاتَّبَعُوا جَزَاءَ الْإِتْرَافِ. فالواو للحال، كَأَنَّهُ قِيلَ: أَنْجَيْنَا الْقَلِيلَ وَقَدِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا جَزَاءَهُمْ. وَقَالَ: وَكَانُوا مُجْرِمِينَ، عُطِفَ عَلَى أُتْرِفُوا، أَيِ اتَّبَعُوا الْإِتْرَافَ وَكَوْنُهُمْ مُجْرِمِينَ، لِأَنَّ تَابِعَ الشَّهَوَاتِ مَغْمُورٌ بِالْآثَامِ انْتَهَى. فَجَعَلَ مَا فِي قَوْلِهِ: مَا أُتْرِفُوا فِيهِ، مَصْدَرِيَّةً، وَلِهَذَا قَدَّرَهُ: اتَّبَعُوا الْإِتْرَافَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بِمَعْنَى الَّذِي لِعَوْدِ الضَّمِيرِ فِي فِيهِ عَلَيْهَا. وَأَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى اتَّبَعُوا أَيِ: اتَّبَعُوا شَهَوَاتِهِمْ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ بِذَلِكَ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اعْتِرَاضًا وَحُكْمًا عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ انْتَهَى. وَلَا يُسَمَّى هَذَا اعْتِرَاضًا فِي اصْطِلَاحِ النَّحْوِ، لِأَنَّهُ آخِرُ آيَةٍ، فَلَيْسَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ.
وَقَرَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْعَلَاءُ بْنُ سِيَابَةَ كَذَا فِي كِتَابِ اللَّوَامِحِ، وَأَبُو عُمَرَ فِي رِوَايَةِ الْجُعْفِيِّ: وَأُتْبِعُوا سَاكِنَةَ التَّاءِ
مَبْنِيَّةً لِلْمَفْعُولِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، أَيْ جَزَاءَ مَا أُتْرِفُوا فِيهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّهُمُ اتَّبَعُوا جَزَاءَ إِتْرَافِهِمْ، وَهَذَا مَعْنًى قَوِيٌّ لِتَقَدُّمِ الْإِنْجَاءِ كَأَنَّهُ قِيلَ: إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَهَلَكَ السائر.

[سورة هود (11) : الآيات 117 الى 123]
وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (121)
وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 6  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست